نور الامل | nor el amel
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
نور الامل | nor el amel

منتديات نور الأمل ترحب بكم دوما
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 سلسلة الطب النبوي لابن القيم (18)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
! كن جميلا !
...:|عضو نشيط|:...
...:|عضو  نشيط|:...
! كن جميلا !


جِـنْسِــيٍ : انثى
عدد المساهمات : 118
تاريخ التسجيل : 06/01/2012

سلسلة الطب النبوي لابن القيم  (18)  Empty
مُساهمةموضوع: سلسلة الطب النبوي لابن القيم (18)    سلسلة الطب النبوي لابن القيم  (18)  Emptyالجمعة أبريل 06, 2012 2:51 pm

سلسلة الطب النبوي لابن القيم  (18)  Bism

سلسلة الطب النبوي لابن القيم (18)

فصل: فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى معالجة المرضى بترك إعطائهم ما يكرهونه من الطعام والشراب، وأنهم لا يُكرَهون على تناولهما



روى الترمذى فى "جامعه"، وابنُ ماجه، عن عقبة بن عامر الجُهَنِى، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُكْرِهوا مَرضاكُم عَلَى الطَّعامِ والشَّرابِ، فإنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ يُطْعِمُهُم ويَسْقِيهمْ".
قال
بعضُ فضلاء الأطباء: ما أغزرَ فوائدَ هذه الكلمة النبوية المشتملة على
حِكم إلهية، لا سِيَّما للأطباء، ولمن يُعالِج المرضى، وذلك أنَّ المريضَ
إذا عاف الطعامَ أو الشراب، فذلك لاشتغال الطبيعة بمجاهدة المرض،
أو لسقوط شهوته، أو نُقْصانها لضعف الحرارة الغريزية أو خمودها، وكيفما كان، فلا يجوز حينئذ إعطاءُ الغِذاء فى هذه الحالة.
واعلم
أنَّ الجوعَ إنما هو طلبُ الأعضاء للغذاء لتُخلِفَ الطبيعة به عليها عِوضَ
ما يتحلل منها، فتجذب الأعضاء القصوى من الأعضاء الدنيا حتى ينتهىَ الجذبُ
إلى المعدة، فيُحِسُّ الإنسان بالجوع، فيطلبُ الغِذاء، وإذا وُجِدَ المرض،
اشتغلت الطبيعةُ بمادته وإنضاجها وإخراجها عن طلب الغذاء، أو الشراب، فإذا
أُكْرِهَ المريضُ على استعمال شىء من ذلك، تعطلَّتْ به الطبيعة عن فعلها،
واشتغلت بهضمه وتدبيره عن إنضاج مادة المرض ودفعه، فيكون ذلك سبباً لضرر
المريض، ولا سِيَّما فى أوقات البُحْران، أو ضعفِ الحار الغريزى أو خمودِه،
فيكون ذلك زيادةً فى البلية، وتعجيل النازلة المتوقَّعةَ. ولا ينبغى أن
يُستعمل فى هذا الوقتِ والحال إلا ما يحفظُ عليه قوَّته ويُقويها مِن غير
استعمال مزعج للطبيعة ألبتة، وذلك يكونُ بما لَطُفَ قِوامه من الأشربة
والأغذية، واعتدلَ مِزاجه كشراب اللَّينوفر، والتفاح، والورد الطَّرِى، وما
أشبه ذلك،ومن




الأغذية
مرق الفراريج المعتدلة الطيبة فقط، وإنعاش قواه بالأراييح العَطِرَة
الموافقة، والأخبار السارة، فإنَّ الطبيبَ خادمُ الطبيعة، ومعينها لا
معيقها.

واعلم
أنَّ الدم الجيد هو المُغَذِّى للبدن، وأنَّ البلغم دم فج قد نضج بعضَ
النضج، فإذا كان بعض المرضى فى بدنه بلغم كثير، وعُدِم الغذاءُ، عطفت
الطبيعةُ عليه، وطبخته، وأنضجته، وصيَّرته دماً، وغَذَّت به الأعضاء،
واكتفت به عما سواه، والطبيعةُ هى القوة التى وكلها الله سبحانه بتدبير
البدن وحفظه وصحته، وحراسته مدة حياته.
واعلم أنه قد
يُحتاج فى النَّدرة إلى إجبار المريض على الطعام والشراب، وذلك فى الأمراض
التى يكون معها اختلاطُ العقل، وعلى هذا فيكونُ الحديثُ من العامِّ
المخصوص، أو من المُطْلَقِ الذى قد دلَّ على تقييده دليلٌ، ومعنى الحديث:
أنَّ المريضَ قد يعيش بلا غذاء أياماً لا يعيش الصحيحُ فى مثلها.
وفى
قوله صلى الله عليه وسلم: "فإنَّ الله يُطعِمُهم ويَسْقِيهِم" معنى لطيفٌ
زائد على ما ذكره الأطباءُ لا يعرفُه إلا مَن له عناية بأحكام القُلوب
والأرواح، وتأثيرها فى طبيعة البَدن، وانفعالِ الطبيعة عنها، كما تنفعل هى
كثيراً عن الطبيعة، ونحن نُشير إليه إشارةً، فنقول: النَّفْسُ إذا حصل لها
ما يشغَلُها مِن محبوبٍ أو مكروهٍ أو مَخُوف، اشتغلَتْ به عن طلب الغِذاء
والشراب، فلا تُحِسُّ بجوع ولا عطش، بل ولا حر ولا برد، بل تشتغل به عن
الإحساس المؤلم الشديد الألم، فلا تُحِسُّ به، وما من أحد إلا وقد وجدَ فى
نفسه ذلك أو شيئاً منه، وإذا اشتغلتْ النفس بما دهمها، وورد عليها، لم
تُحِسَّ بألم الجوع، فإن كان الوارد مفرِّحاً قوىَّ التفريح، قام لها
مَقامَ الغِذاء، فشبعتْ به، وانتعشتْ قُواها، وتضاعفَت، وجرت الدمويةُ فى
الجسد حتى تظهر فى سطحه، فيُشرِقُ وجهه، وتظهر دمويتهُ، فإنَّ الفرح يُوجبُ
انبساطَ دم القلب، فينبعثُ فى العروق، فتمتلئُ به، فلا تطلبُ الأعضاءُ
حَظَّها من الغذاءِ المعتاد لاشتغالها بما هو أحبُّ إليها، وإلى الطبيعة
منه، والطبيعةُ إذا ظَفِرَتْ بما تُحبُّ، آثرتْه على ما هو دونه.




وإن
كان الواردُ مؤلماً أو محزناً أو مخوفاً، اشتغلتْ بمحاربتِه ومُقاومتِه
ومُدافعته عن طلب الغذاء، فهى فى حال حربها فى شغل عن طلب الطعام والشراب.
فإن ظفرتْ فى هذا الحرب، انتعشت قواها، وأخلَفت عليها نظيرَ ما فاتها من
قوة الطعام والشراب، وإن كانت مغلوبةً مقهورة، انحطَّتْ قواها بحسب ما حصل
لها من ذلك، وإن كانت الحربُ بينها وبين هذا العدوِّ سِجالاً، فالقوةُ
تظهرُ تارةً وتختفى أُخرى، وبالجملة فالحربُ بينهما على مثال الحرب الخارج
بين العدوين المتقاتلين، والنصرُ للغالبِ، والمغلوب إما قتيل، وإما جريح،
وإما أسير.

فالمريض:
له مَددٌ مِنَ الله تعالى يُغذيه به زائداً على ما ذكره الأطباء من تغذيته
بالدم، وهذا المَددُ بحسب ضعفِه وانكسارِه وانطِراحِه بين يدى ربه عَزَّ
وجَلَّ، فيحصُل له من ذلك ما يُوجب له قُرباً من ربه، فإنَّ العبدَ أقربُ
ما يكون من ربه إذا انكسر قلبُهُ، ورحمةُ ربه عندئذٍ قريبة منه، فإن كان
ولياً له، حصل له من الأغذية القلبية ما تَقْوى به قُوَى طبيعته، وتَنتعشُ
به قواه أعظمَ مِن قوتها، وانتعاشها بالأغذية البدنية، وكلما قَوى إيمانُه
وحُبُّه لربه، وأُنسُه به، وفرحُه به، وقَوى يقينه بربه، واشتد شوقه إليه
ورضاه به وعنه، وجَدَ فى نفسه من هذه القوة ما لا يُعَبَّرُ عنه، ولا
يُدركُه وصف طبيب، ولا يَنالُه علمه.
ومَن غَلُظ طبعُه،
وكَثُفتْ نفسُه عن فهم هذا والتصديق به، فلينظرْ حالَ كثير من عُشَّاقِ
الصور الذين قد امتلأتْ قلوبُهم بحُب ما يعشَقوُنه من صُورةٍ، أو جاهٍ، أو
مال، أو علم، وقد شاهد الناسُ من هذا عجائبَ فى أنفسهم وفى غيرهم.
وقد
ثبت فى "الصحيح": عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، أنه كان يُواصلُ فى
الصِّيام الأيامَ ذواتِ العددِ، وينهَى أصحابه عن الوِصال ويقول: "
لستُ كَهَيْئَتِكُمْ إنى أَظَلُّ يُطعِمُنى رَبِّى ويَسْقِينى".
ومعلومٌ
أنَّ هذا الطعام والشراب ليس هو الطعام الذى يأكله الإنسانُ بفمه، وإلا لم
يكن مواصلاً، ولم يتحقق الفرق، بل لم يكن صائماً، فإنه قال:
"أَظَلُّ يُطْعِمُنى رَبِّى ويَسْقِينى".
وأيضاً فإنه فرق بينه وبينهم فى نفس الوِصال، وأنه يَقدِرُ منه على ما لا يقدِرُون عليه، فلو كان يأكلُ ويشرب بفمه، لم يَقُلْ: "لَسْتُ كَهَيْئَتِكُم"،
وإنما فَهِمَ هذا من الحديث مَنْ قَلَّ نصيبُه من غذاء الأرواح والقلوب،
وتأثيرِهِ فى القوة وإنعاشِها، واغتذائها به فوقَ تأثير الغِذاء
الجسمانىِّ.. والله الموفق.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سلسلة الطب النبوي لابن القيم (18)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كلمات ابن القيم..
» ● رمضان يبني القيم●
» كتاب اطباق شهية للاطفال و الاولاد من سلسلة الطبخ العالمي
» الوضع في الحديث النبوي
» الهدي النبوي في تربية الأطفال

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
نور الامل | nor el amel :: •• الأقسام الإسلامية •• :: الحديث و السيرة النبوية-
انتقل الى: