أراد الله سبحانه تعالى أن يتولى الأمر بالمصاحبة بالمعروف لعظيم منزلة الأبوين عند الله.
قد يسأل سائل لماذا لم يجعل لقمان ينتهي من الوصية ثم يأتي بهذه الآية؟
وضع الوصية بعد النهي عن الشرك بالله سبحانه وتعالى وذلك لاهميه الأمر ولا يجعلها في آخر الوصايا.
الله جل في علاه لا يريد أن يقول (إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)) ثم يقول (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ) لكنه وضعها بعد النهي عن الشرك بالله
لم ترد أوصى في الأمور المعنوية وفي أمور الدين إلا في موطن واحد اقترنت بأمر مادي عبادي وهو قوله تعالى على لسان المسيح (وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) مريم) قال أوصاني لأنها اقترنت بأمر مادي وعبادي وهو الزكاة والأمر الآخر أن القائل هو غير مكلّف لذلك خفّف من الوصية لأنه الآن ليس مكلفاً لا بالصلاة ولا بالزكاة فخفف لأنه لا تكاليف عليه.
وقال (وصينا) بإسناد التوصية إلى نفسه سبحانه بضمير التعظيم وربنا في أمور الخير وفي الأمور المهمة يسند الأفعال إلى نفسه لم يقل وصيّ الإنسان وإنما قال (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ) بإسناد الفعل إليه سبحانه بضمير التعظيم.
واستمر ورجع إلى الإفراد (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) وقلنا أنه من عادة القرآن إذا ذكر ضمير التعظيم يذكر قبله أو بعده ما يدل على الإفراد (أَنِ اشْكُرْ لِي) لم يقل ان اشكر لنا.
الوالدين:هو لم يقل أبوين لأكثر من سبب:
أولاً لو لاحظنا الوالدين والأبوين: الوالدين تثنية الوالد والوالدة لكن غلّب المذكر، الأبوينتثنية الأب والأم لكن غلّب الأب إذن في الحالتين غلّب المذكر الأبوين تغليب الأب وفي الوالدين تغليب الوالد.
لكن لماذا اختار الوالدين؟ الولادة تقوم بها المرأة وليس الرجل أما تسمية الوالد يقول أهل اللغة على النسب والوالدة على الفعل هي التي تلد.
إذن اختار لفظ الوالدين التي هي من الولادة التي تقوم بها الأم لكنه لم يختر الأبوين واختار لفظ الولادة ولم يختر لفظ الأبوة.
الوالدين (الوالد والوالدة) مأخوذة من الولادة أما الأبوين فليست من الولادة من حيث اللفظ والقرآن يستعمل أبوين للجدّين (كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ (6) يوسف) ويستعمل أبوين لآدم وحواء (كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ (27) الأعراف)
إذن هو اختار لفظ الولادة لماذا؟
جملة دواعي لسبب الإختيار: الأول لو نقرأ السياق (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ (14))
فهو ذكر الحمل والفصال أي الفطام من الرضاعة بينهما الولادة فاختار لفظ الوالدين.
ثم فيه تذكير بولادته وهو جاء إلى الدنيا ضعيفا عاجزاً حال ولادته وهما أحسنا إليه
وفيها تعبير إحسان الصحبة إلى الأم أكثر من الأب.
الولادة هي للأم وليس للأب فلما قال (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ) فيها إشارة إلى أن إحسان الصحبة والوصية للأم أكثر من الأب وحتى شرعاً وفي الحديث (من أحق الناس بحسن صحبتي؟ فقال r أمك ثم أمك ثم أمك) الولادة تقوم بها الأم فيها إشارة إلى أن حسن الصحبة ينبغي أن تكون للأم أكثر من الأب فقال (الوالدين).
وهناك خط لا يتخلف في جميع القرآن عندما يذكر الإحسان إلى الأبوين والبر بهما والدعاء لهما يذكر لفظ الوالدين ولا يذكر الأبوين
لم يقل رب اغفر لي ولأبوي وإنما الوالدين (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ (28) نوح) (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) ليس الأبوين (قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا (151) الأنعام) لم يرد مرة واحدة في القرآن في إحسان الصحبة أو البر أو الدعاء بلفظ الأبوين وإنما كله بلفظ الوالدين.
ويستخدم الأبوين في المواريث ولعل ذلك لأن نصيب الأب أكبر من نصيب الأم فيغلّبه لكن الوالدين يغلّب الأم لأن الأم أولى بالدعاء وحسن الصحبة.
أما في يوسف قال (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا (100) يوسف) قيل هذا من باب الإكرام لهم
لماذا لم يقل (رفع والديه)؟ هو رفع أبويه على العرش لأكثر من سبب: على الأرجح أنهما كانا أمه وأباه وهذه مسألة خلافية.
أولاً لم يرد في قصة يوسف ذكر للأم وإنما ذكر الأب وهو الذي حزن وفقد بصره، لم يرد ذكر للأم في قصة يوسف حتى قال (قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (85) يوسف) فإذن كونه لم يرد ذكر للأم معناه الأب يتغلب.
هذا أمر والأمر الآخر أنه لما قال (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ) هذا إكرام للأم وليس للأب هو إلماح إلى تكريم الأم فقال (وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا) أي عظموه والمفروض أن الابن يعظم الأبوين فلما كان فيها تعظيم الأبوين لابنهما أختار أقلّهما وهو الأب أقلّهما بحسن الصحبة وهذا أدل على إكرام الأم لما قال (وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا) هذا تعظيم والمفروض أن الإبن يعظّم أبويه فلما ذكر (وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا ً) لم يذكر والديه إشارة إلى تعظيم الأم ومنزلتها ثم إلماح أن العرش للأب وليس للأم.
تم بحمد الله وعونه
المرجع / لمسات بيانيه الدكتور فاضل سامرائي من سورة لقمان
اللهم بلغني سؤالي برحمتك وعفوك ورضاك
ملاك الروووح ...:|عضو برونزي|:...
جِـنْسِــيٍ : عدد المساهمات : 275تاريخ التسجيل : 17/07/2011
موضوع: رد: ماسر إدراج التوصية بالوالدين في سورة لقمان ؟؟ الجمعة يناير 13, 2012 8:33 pm