إن الطفل دائماًًً يميل بطبعه الفطري الذي فطره الله عليه إلى التقليد .. والتقليد من أقوى وأسرع الوسائل في التربية .. و أيسر طريق لاكتساب الفضائل ..
ففي مرحلة الطفولة يعتمد الطفل إلى تقليد أبويه وأخوته ومعلميه والمحيطين
به بشكل عام .. فتتقمص البنت شخصية أمها .. ويتقمص الابن شخصية أبيه
يقلدونهم في طريقة الكلام والمشي وأسلوبهم وأساليب تعاملهم مع الغير فهم
يقلدون كل شيء يقع تحت ملاحظتهم .. فكل يوم يقلد الطفل فكرة جديدة على حسب
ما يسمع أو يشاهد .. وكلما كان على علاقة كبيرة بالناس وبالأخص الناس الذين
يحبهم كلما كان عدد الأفكار التي يقلدها كثيرة ..
لهذا لابد من الحرص على توفير القدوة الصالحة لدى الطفل .. فلا بد أن يكون
الأباء قدوة صالحة لأبنائهم .. يعرضون عليهم أفضل القيم ويرسخون في عقولهم
ونفوسهم خصال الخير والفضيلة والأخلاق السليمة ..
فنلاحظ دائما أن الأبناء يرون أن تصرفات آبائهم من أعمال وأقوال هي الصحيحة
وقمة في الكمال .. فيتقيدون بهم ويسيرون على نهجهم وخصالهم .. فمهما كان
الطفل عنده استعداد للخير وكانت فطرته سليمة .. فإنه لا يستجيب للصلاح
والفضيلة ما لم يرى والديه أو معلميه في قمة من الأخلاق والقيم العليا ..
فمن السهل على الأباء أن يلقنوا أبنائهم أي سلوك أو خلق .. لكن من الصعب أن
يستجيب الطفل لهذا الخلق حين يرى من يلقنه ويشرف عليه ويوجهه غير ملتزم
بهذا الخلق وغير مطبق له ولمبادئه وأصوله .. فيجب أن يحرص الأب والأم على
أن لا يكون هناك تناقض بين ما يأمروا به الطفل وبين ما يقومون به من سلوك
.. وأن يجتنبوا كذلك أن يقولوا مالا يفعلوا .. وأن يأمروا بما لا يأتمروا
..
قال الغزالي ( إن على المربي أن يعرض أفضل القيم لمن يعهد إليه بتربيتهم
فهو قدوة حسنة لهم ويجب أن يطابق قوله وفعله ويكون متحليا بالورع والتقوى
لأن أعين الصبيان إليه ناظرة وآذانهم إليه مصغية فما استحسن فهو عندهم
الحسن وما استقبح فهو عندهم القبيح ) انتهى كلامه
وعلى الأباء كذلك أن لا يغفلوا عن نقطة مهمة .. وهي حسن اختيار الأصدقاء
والرفاق الذين يشاركون الطفل لعبه .. فيشترطوا فيهم أن تكون آدابهم
وأقوالهم وأفعالهم حسنة ومرضية .. لأن الطفل يقلد أترابه من هم في سنه أو
أكبر منه .. فيقتدي بهم في جميع تصرفاتهم ولا يرضى عن نفسه أن يكون أقل
منهم .. فدائما يكون عنده المنافسة على مساواتهم .. أو أن يكون أفضل منهم
..
فالصحبة تأثير في اكتساب الأخلاق فتصلح أخلاق الطفل بمصاحبة أهل الصلاح .. وتفسد بمصاحبة أهل الفساد ..
فليحرص الأباء على تقديم القدوة الطيبة للطفل واختيار الصحبة الخيرة له
والعناية بالوسط الذي يعيش فيه .. لأن الطفل الصغير شديد التقليد لمن هم
أكبر منه .. وذلك لشعوره بأن التقليد يجعله في صف الكبار ..
والحمد لله رب العالمين ..