{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ. وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ. إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ}
إن النداء هنا للذين آمنوا ليطيعوا الله ورسوله ولا يتولوا عنه وهم يسمعون آياته وكلماته، ولقد جاء هذا النداء بعد مقدماته الموحية ، يجيء بعد استعراض أحداث غزوة بدر؛ وبعد رؤية يد الله فيها وتدبيره وتقديره؛ وعونه ومدده؛ وبعد توكيد أن الله مع المؤمنين؛ وأن الله موهن كيد الكافرين؛ فما يبقى بعد ذلك كله مجال لغير السمع والطاعة لله والرسول. وإن التولي عن الرسول صلى الله عليه وسلم وأوامره بعد هذا كله ليبدو مستنكرا قبيحا لا يقدم عليه إنسان له قلب يتدبر وعقل يتفكر...ومن هنا يجيء ذكر الدواب في موضعه المناسب، في إشارة خفية منه إلى الأنعام، وبوصفه ـ جل وعلا ـ المخالفين لأمر الله ورسوله بالصم البكم الذين لا يعقلون يخلع عليهم صورة البهائم ، فالبهائم لها آذان ولكنها لا تسمع إلا كلمات مبهمة؛ ولها لسان ولكنها لا تنطق أصواتا مفهومة، إلا أن البهائم مهتدية بفطرتها فيما يتعلق بشؤون حياتها الضرورية، أما هؤلاء الدواب فهم موكولون إلى إدراكهم الذي لا ينتفعون به، فهم شر الدواب قطعا. فانظر أخي المسلم وتأمل في حالك هل تسمع أوامر الله ورسوله سماع تدبر مع عزم على الطاعة والتنفيذ؟! أم أن سماعك سماع الدواب التي لا تعقل؟! أعيذك بالله أن تكون من هؤلاء.