تفاعلات النص القرآني في الواقع العلمي الاجتماعي
مؤتمر العودة للقرآن الكريم يختتم أعماله
في حشد كبير ضم لفيفا من العلماء وأساتذة الحوزة العلمية بالسيدة زينب (ع) وطلاب الحوزات العلمية والجامعات ، وعدد من أساتذة الجامعات والمثقفين اختتم مؤتمر العودة إلى القرآن الكريم دورته الحادية عشرة التي جاءت تحت عنوان (فهم النص بين الحاضر وهيمنة التراث ) بفندق سفير السيدة زينب عليها السلام في مساء الجمعة 4/4/2008 وقد استمع الحضور في الليلة الختامية لثلاثة من الباحثين هم سماحة العلامة السيد جعفر العلوي الباحث والمفكر والمدير السابق لحوزة الإمام القائم (عج) العلمية، والرئيس الأسبق لتحرير مجلة البصائر الدراساتية التي تصدر عن حوزة الإمام القائم (عج)، وسماحة السيد حسين إبراهيم مدير التربية والتعليم والبحث العلمي في معهد الرسول الأكرم بلبنان، والشيخ الدكتور نبيل الحلباوي، الأستاذ بجامعة آزاد وإمام مسجد السيدة رقية بدمشق.
وقد بدأت الليلة الثالثة والأخيرة من ليالي المؤتمر بتلاوة آيات من الذكر الحكيم تلاها على مسامع الحضور الشيخ آميد باقروف الأستاذ بحوزة الإمام القائم (عج) العلمية، ومن ثم دعى مدير الجلسة سماحة الشيخ حبيب الجمري"<
>
الباحثين إلى المنصة، بعدها تقدم أول الباحثين سماحة العلامة السيد جعفر العلوي<
>
ببحثه والذي جاء تحت عنوان( الاستشراق والعبور إلى التاريخانية) وقد أشار في بداية بحثه أن محوره قراءة سريعة لتفاعل جهود الاستشراق مع الحراك الثقافي الحداثي المشرقي في زاوية محددة هي تاريخية النص القرآني مع تلمس منابع القراءة التاريخية للنص القرآني في علوم القرآن على نحو الإشارة
ثم تحدث الباحث في الجزء الأول من بحثه عن الاستشراق حيث برر متابعة حراكه باهتمام الاستشراق بالتراث العربي والإسلامي ومن ثم تحدث عن تعريفه حيث أكد في تعريفه أنه قائم على تمييز وجودي ومعرفي بين الشرق والغرب وأن الشرق فيه يتلخص في العالم المسلم، لأنه الوحيد الممايز للغرب.
أما في حديثه عن تاريخ الاستشراق كحركة منضبطة فقد أشار إلى مرحلتين تاريخيتين مهمتين هما الحروب الصليبية وفتح نابليون لمصر، وقد أرجع الباحث عصبية الغرب تجاه الإسلام إلى المرحلة الأولى وهي الحروب الصليبية، أما المرحلة الثانية فقد تمثلت أهميتها في تحول الاستشراق من ناء إلى مقيم في الشرق وبالتالي استمدت نصوصه قوتها وتأثيرها من إقامة المستشرق في الشرق وسيطرته عليه
وقد أشار الباحث إلى أهداف الاستشراق التي صنفها الباحثون في ثلاث أهداف هي ؛ علمية ، وتبشيرية، وسياسية.
وقد أشار الباحث إلى أن محاولة إثبات بشرية القرآن الكريم هي هدف مشترك بين كل المستشرقين حتى من قبل من يوصفون بالموضوعية منهم مثل المستشرقين الألمان وضرب مثالا لذلك بمدرسة نولدكة الذي أعاد ترتيب القرآن زمنيا على غير نهج المصحف الشريف في محاولة لربط القرآن بمناخه العام لإثبات بشريته
وقد أوضح الباحث في نقده لمسار بحوث المستشرقين أنها اتكأت على فرضية تعسفية هي الأصل البشري للقرآن، وقال: بالرغم أن مقولة الوحي الإلهي للقرآن ليس مفروضا على غير المسلمين بيد أن التعسف في نفي هذا الاحتمال في الدراسة العلمية لا يمكن تبريره
وقد أشار الباحث إلى أن بشرية القرآن الكريم أصبحت مسلمة خارج البحث العلمي ثم تحولت إلى أحدى مسلمات التفكير العلمي وقواعده لدى باحثين يفترض أنهم ينتمون للدائرة المسلمة فيبنون على هذه المسلمة مناهج التعاطي مع القرآن قاطعين الاحتمال عن إمكانية الانتساب الإلهي.
وقد استدل الباحث على أن المستشرقين بنو أحكامهم على القرآن بناء على مواقف مسبقة وليس نتيجة للبحث العلمي بالتباين الكبير بين السياق التاريخي والاجتماعي والقرآن حيث تعجز كل آليات التفسير في إرجاعه لتلك البيئة
وفي الجزء الثاني من البحث تحدث الباحث عن التاريخانية العربية، وأشار إلى العلاقة بين الحداثوية العربية والاستشراق وأنها وإن خالفته بقلة احتشائها بالسذاجات الممتلئة بها كتب المستشرقين ولكنها تظل أحد تموجاته ونتائجه.
وأوضح الباحث أن دراسات الحداثة المشرقية قد تختلف مع الأبحاث الاستشراقية في أن الأخيرة جاءت في إطار تقديم المعرفة لراسمي القرار في الدول الغربية بينما الأولى بحسب وجهة نظرهم جاءت للتخلص من التخلف وخلق تقدمية ضارية وقد استفادت من التيارات الحديثة في أوربا في القرن العشرين.
وأشار إلى أن مناهج التعاطي مع القرآن في الحداثة المشرقية المتكئة على بشرية القرآن الكريم تأطرت في إتجاهين هما الإتجاه الألسني التأويلي والإتجاه التاريخاني وقد أقتصر الباحث حديثه على الإتجاه التاريخاني وأعتمد في ذلك على رمزين من أساطين الحداثة هما محمد أركون ونصر حامد أبو زيد.
أما عن أهم مميزات هذه التاريخانية في تعاملها مع القرآن الكريم فقد أشار الباحث إلى أنها سعت إلى ربط القرآن بسياق نزوله الزمني اجتماعيا وثقافيا ربطا يتضمن معنى النسبية والتأطر بذلك السياق الزمني وقد شابهت الدراسات الاستشراقية في نزع صفة الخلود والصلاحية لكل زمان ومكان، وأكد الباحث أن الحداثيين أغفلوا بشرية القرآن التي ركز عليها المستشرقون، مركزين بالمقابل على دراسة تاريخانية تسكت عن ارتباط النص بأصله الإلهي أو البشري وتنشغل بالفهم والتحليل للنص من خلال منهجية تحيله لسياق نزوله وقد عرض الباحث لتأكيد هذه النقطة بعض كلمات أركون
ثم أستعرض الباحث آليات التأويل الزمني المستخدمة في التاريخانية والمتمثلة في الهرمينوطيقا والتأويل المقاصدي
ثم تعرض الباحث إلى تاريخانية أبوزيد التي أضافت بعد تاريخي آخر للنص إذ يتعامل معه كنص لغوي ينتمي إلى بنية ثقافية محددة تم إنتاجه طبقا لقوانين تلك الثقافة التي تعد اللغة نظامها الدلالي المركزي، وأشار الباحث إلى أن أبو زيد يجعل من اللغة ومحيطها الثقافي مرجع التفسير والتأويل.وعرض الباحث نموذجا لمنهج أبو زيد من خلال تناوله لحقوق المرأة في الإسلام التي عالجها من خلال ثلاث خطوات هي سياق النزول، وسياق القارئ ومقاصد التشريع وخلص منها إلى ضرورة التسوية بين الرجال والنساء في الميراث على أساس أن الواقع المعاصر يفرض ذلك
وأما في تقويمه ونقده للتاريخانية فقد أشار الكاتب إلى أنها أطلقت التغيرات وضيقت الخناق على الثوابت في الحياة البشرية، وأكد أن دعوى ثبات الدين تعتمد على مقولة ثبات الحقيقة الإنسانية بحاجاتها وطبيعتها وقابلياتها.
كما أشار للحقيقة التي تتجاهلها التاريخانية في إطلاقاتها وهي أن الدين الإلهي أصول منهجية مفارقة ليست وليدة الثقافة البشرية، وإن الإيمان بالحاكمية لله ومالكيته وحسن الظن بالعليم الحكيم الرحيم هو منطلق التسليم لشرائعه والطاعة لرسوله وهذا يؤسس لأصل الأخذ والإتباع. وأن الأصل المكين هو خلود الدين وتماميته وشموله لكافة الأعصار والأمصار، وأوضح أن المقبول من التاريخانية هو ما يأتي في إطار التسليم وميدانه الأوسع السنة ويقتصر على ما تستثيره معارفنا البشرية من أسئلة تكون طريق لاستكشاف أكثر عمقا وأكثر خصوصية لعصرنا
وختم الباحث حديثه بقوله أن مسار المنهج التاريخي الاستشراقي يكشف عن امتداده في الحداثة المشرقية مع تطوير أكثر عمقا في المنهج وأكثر فاعلية في تقويض بنية تعالى القرآن وهيمنته، وتقويض النظام المعرفي والأخلاقي والقانوني المتولد من المرجعية القانونية.وأكد أن الحداثة المشرقية تمارس نوع من التقية حيث جعلت الحديث عن بشرية القرآن من جملة المسكوت عنه دون أن تحجب مفاعيل هذه المقولة.
ثم تلى ذلك بحث سماحة السيد حسين الإبراهيم<
>
والذي جاء تحت عنوان(أصول الفقة والمساهمة المنهجية في إيجاد آلية لفهم النص الديني الإسلامي) وقد أشار في مقدمة بحثه إلى أن النص المقصود في عنوان الدراسة هو بالمعنى العام أي الكتاب والسنة وأن ما سيتطرق إليه هو بحث الدليل اللفظي أي مساهمة أصول الفقه المنهجية ، وأشار الباحث إلى أن طبيعة المنهج في أصول الفقه يعتبر استنباطي يعتمد على القياس الاستثنائي عند أرسطو .
وقد أشار الباحث إلى أن أصول الفقه عند تعامله مع النص القرآني لم يبحث عن سند القرآن لأن هذا من اختصاص علوم القرآن وأكد أن الأصول يتساند مع علوم القرآن وينمي منهجه التكاملي مع بقية العلوم وهي تحاول أن تجاوب على ثلاثة أسئلة هي دليلية الدليل ، ودلالة الدليل، وحجية الدلالة، والسؤلان الأول والثاني تتكفل بهما مباحث الألفاظ، بينما السؤال الثالث تتكفل بإجابته سيرة العقلاء.
وقد أشار الباحث أن أصول الفقه له الفضل في إعطاء الحجية لظواهر القرآن الكريم، حجية مستقلة وأوضح أنه ومع ذلك لا نجد وجود للآيات في كتب الاستدلال الفقهية بل أن أغلب اعتمادها على السنة.
وفي ختام بحثه أشار إلى ضرورة نقل شرط الفقه من الجانب العملي إلى الجانب الإجتماعي ، ووجوب تخفيف اللغة الفلسفية والمنطقية التي تكثر في كتب الأصول خصوصا عند الشيعة.
ثم تلى ذلك بحث الشيخ الدكتور نبيل الحلباوي<
>
الذي جاء تحت عنوان (التأويل وعقبة التراث) وقد أشار في مقدمة بحثه إلى أن هنالك ثمة امتزاج واختلاط بين التأويل والتفسير وكثيرا ما استعمل التفسير بمعنى التأويل عند السابقين، وكان التأويل دائما موجودا في أحضان التفسير
وقد تساءل الباحث قائلا هل التراث عقبة في طريق التأويل، ثم قال للإجابة على هذا السؤال يجب أن نعرف ما المقصود بالتراث، فإذا كان المقصود بالتراث هو كلما ورثناه من الأجداد فحينئذ يكون التراث عقبة ،
وتساءل عن موضع كلام الرسول صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام وكلام علمائينا من التراث هل هم داخلين في التراث أم أن كلامه مصدر من مصادر الدين وقال إن هذا يحتاج إلى كلام أوسع.
وقد أكد الباحث في ضرورة وجود المنهج وأشار إلى أن عود التفاصيل إلى الكليات هو أمر لا غنى عنه لكي نصحح ما لدى العقل، وهذا نسق لابد أن يراعى في كل أطر المعرفة
وقد أشار إلى أن في المنهج القرآني لابد من إرجاع المتشابه إلى المحكم وعندما لا نعمل بذلك فلابد أن نقع فيما نقع فيه
أما عن الصيغة المثلى للتعامل مع التأويل القرآني فقد أشار إلى وجوب وجود أمور ثلاثة كشرط للتأويل وهي العقل لأن له بديهياته، والعلم لأن له حقائقه، والزمان لأن له خبراته.
ثم تعرض الباحث في ختام بحثه لتجربتين هما تجربة الميزان للسيد الطبطبائي بالنسبة للتفسير الترتيبي ومنهجه في تفسير القرآن بالقرآن ، وتجربة الشهيد الصدر في تفسيره الموضوعي حيث فتح الباب بعمق لحضور العقل والعلم والزمان في استنطاق القرآن.
ثم تلى ذلك فتح باب المداخلات حيث تقدم الدكتور نزيه الحسن<
>
بمداخلة تعرض فيها إلى تعريف بعض المصطلحات التي وردت في بحث العلامة السيد جعفر العلوي، وهي الاستشراق والتاريخانية والفرق بينها وبين التاريخية.
ثم تلى ذلك بيان الحوزة الختامي تلاه على مسامع الحضور سماحة الشيخ هاني الحكيم الاستاذ بحوزة الإمام القائم(عج)العلمية
<
>
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين......
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين...
السلام عليكم ورحمة ....
القرآن الكريم هدى الله، والنور والرحمة للبشرية، والقرآن الكريم سفينة الحضارة، والنجاة من الفتن. كان في نزوله بعثاً لحضارة القيم الإنسانية المؤسسة على العقلانية والعدالة المستهدفة للرحمة والخير للإنسان. وهو الآن بوابة الخلاص من التخلف والظلم الذي تعيشه أمتنا، ومن اختناق القيم ونفاق المدنية الحديثة وعبثيتها.
والحوزة العلمية التي انطلقت منذ أكثر من ألف عام من رحم مدرسة أهل البيت (ع) الناطقين عن القرآن الكريم حافلة بتاريخ مبارك من الاعتناء بكتاب الله المجيد.
ومن هذين المنطلقين كان اهتمام حوزة الإمام القائم (عج) وحرصها على استمرار عقد هذا المؤتمر للدورة الحادية عشر.
ومن خلال قراءة الواقع المعاصر في شقه المعرفي في ما يتصل بالقرآن الكريم، فإننا نلاحظ كما هائلا من تجارب الحداثة في قراءة النص الديني، تستهدف بذلك زعزعة ثوابت الأمة المعرفية، حيث يتوالى من خلال الزعزعة المعرفية خلخلة بنيان الأمة وشخصيتها الحضارية المتميزة عن المدنية الحديثة القادرة على الممانعة و على تكوين مسار حضاري مختلف عن المدارس البشرية.
ومن خلال التدافع الثقافي بين منظومتين معرفيتين؛ المعارف الإلهية ، والمدارس البشرية وضمن إطار الإيمان العميق بأن القرآن هو سبيل النجاة، وانطلاقا من الإرادة المباركة من المؤمنين بالاقتراب من كتاب الله وتفعيل معارفه في حياتنا المعاصرة ... فإن هذا الإيمان وهذه الإرادة ليتطلبان سعيا حثيثا من المجتمع العلمي الحوزوي في تذليل العقبات التي تشكل سدودا وحواجز ، تلك التي تحول دون تفعيل المعارف الالهية في حياتنا المعاصرة .
ولا يخفى على أحد أن مدارس الحداثة تشكل تحديا دؤوبا ومتعدد الأطياف، المواربة والمعلنة في غاياتها من تحطيم المرجعية للقرآن الكريم، لكنها ( أي تجارب الحداثة ) تحديات معرفية ثقافية تتطلب استجابة علمية معرفية، ومن ثم تعميم تلك الاستجابة المعرفية النقدية لخلق مناعة ثقافية في المجتمع المسلم .
إن مطالعة الواقع المعرفي والتفاعل الثقافي بين التيار الديني ومدارس الحداثة ليسمح لنا بالتوصل لبعض الأمور:
الأول:إن الاستجابة المعرفية من التيار الديني بعد لم تستجب بصورة كافية، من حيث السعة والانتشار، ومن حيث تناول استيفاء كل أطياف المدارس الحداثية.
بل ويمكن القول أن بعض الاستجابات اتكئت على مدارس فلسفية بشرية لمقارعة الحداثة المعاصرة، بينما ينبغي اعتماد القرآن الكريم والمعارف الإلهية في نقد الحداثة.
الثاني:إن التدافع الثقافي كشف المستور عن عيوب منهجية ومعرفية ألمت بعلوم القرآن، بحيث ينبغي أن تخضع هذه العلوم لمراجعة نقدية لكن بآليات الفقهاء العلمية والرصينة... والجدير بالذكر إن معالجة الفقهاء والأصوليين لبعض مفردات علوم القرآن فيما يتصل بأبحاثهم تمتاز بتأصيل وعلمية رفيعة نتمنى أن تشمل كافة أبحاث علوم القرآن الكريم.
الثالث: إن الطالب المنتمي للحوزة حين ينفتح على المدارس البشرية يجد فجوة معرفية بين هموم المعرفة المعاصرة واشتغالاتها وبين المادة الدراسية، مما يجعل من الاهتمام بتجسير الفجوة مقصورا على القلة من طلبة العلوم الدينية. إن هذه المطالعة لتستدعي التفكير الجدي بمعالجة منهجية لخلق يسر في التواصل المعرفي وفي خلق القدرة على التعاطي العلمي النقدي الكفوء.
وفي إطار هذه القراءة فإن المؤتمر يعتبر إن من أهدافه العملانية هو الكشف عن الآخر المعرفي والتيارات المعاصرة لتأكيد الاهتمام في المجتمع الحوزوي بتجسير الفجوة، وبالاشتغال بالتعاطي العلمي النقدي.... آملين أن يمنّ الله علينا بالتوفيق بمعية جميع المشتغلين في هذا الهم المعرفي .
وختاما؛
نتقدم بالشكر والتقدير إلى سماحة آية الله العظمى السيد المدرسي دام ظله الشريف الراعي للمؤتمر.
كما نتقدم بالشكر الجزيل والوافر للمشاركين الأعزاء حيث تجشموا عناء السفر والبحث والمشاركة، ونرجو من الله القدير أن يبارك في عطاءاتهم.
كما نتقدم بالشكر الجزيل إلى الحضور الكريم من العلماء الأفاضل وطلبة العلوم الدينية ومن الباحثين الأكاديمين ومن المهتمين بالمعرفة والقرآن الكريم.
ونتوجه بالشكر لكافة الذين ساهمو في ثراء البحث بمداخلاتهم الكريمة أو بأسئلتهم الطيبة.
هذا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله والعترة الطاهرة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللجنةالنظمة ثم تلا بعد ذلك توصيات المؤتمرين وهي
النظر إلى القرآن الكريم بوصفه كلام الله تعالى، كأصلٍ موضوعي في مجال قراءة النص، أمر لا محيص عنه. وهذا هو المائز الرئيسي بين مقاربتنا للقرآن الكريم ومقاربة الغربيين لأي كتاب مقدس.
النظر إلى القرآن الكريم بوصفه كلام الله تعالى، لا يمنع غالباً من تطبيق الآليات العقلائية المتعارفة في فهم النصوص، لأن الله تعالى صاغ خطابه القرآني بالأسلوب المتعارف بين العقلاء.
من الضروري الاطلاع على آليات الفلسفة الغربية في مجال قراءة النص، كنظرية الأفعال الكلامية والفينومنيولوجيا (علم الظواهر) والهرمنيوطيقا (علم تفسير النص) والبنيوية والتفكيكية، لتحديد إمكانية الاستفادة من بعض تلك الآليات، والمحاذير التي قد تتمخض عن تطبيقها على القرآن الكريم.
إيمان بعض المدارس الغربية بموت المؤلف، واقصاء قصد المؤلف، لصالح الناقد أو القارئ أو لمفسره أمر لا يمكن القبول به، لأن هدف مفسر القرآن يبقى دائماً استكشاف مراد الله سبحانه من النص.
إن أمكن القبول بتعدد قراءة النص الواحد وفق ظوابط معينة حسب قدرته على الإيحاء عن طريق الرمز، فإن ما لا يمكن القبول به هو لانهائية القراءات، الأمر الذي يؤدي لا محالة إلى فوضى التفسير.
إعادة كتابة منهج التدبر و الدعوة مجدداً للإهتمام بالقرآن من خلال التدبر في آياته وإقامة الدورات والدروس المكثفة، واحياء ما اهتمت به هذه المدرسة المباركة، ومنذ أواخر القرن الماضي واستطاعت بحق ان توجد ثقافة قرآنية، ورجالاً قرآنيين، استشعروا طعم التدبر و عشقوا التفكر في آياته، ولو علم الناس حلاوة التدبر في كتاب الله لتنافسوا عليه واهتموا به الإهتمام البالغ.
تدقيق مصطلح التراث العام بمعناه العام (كل ما ورثناه عن الأسلاف)، وبمعناه الخاص (ما ينتمي الى القرآن مصدراً و الإسلام ديناً) و يقّدم جهداً متميزاً غنياً بنتيجة التفاعل الخصب مع القرآن الكريم والسنة الصحيحة.
ضرورة النظر لعلوم القرآن الكريم كأدوات معرفي لإنتاج المعرفة وفهم النص.
ضرورة الإنتقال من البحوث المفهومية إلى بحوث الآلية عبر تأسيس قواعد قانونية تطبيقية.
ضرورة البحث عن المحكمات كأصول ترجع إليها الفروع المتشابهة.
دعوة الحوازات العلمية للإشتغال بموضوع قراءة النص القرآني، وتكثيف الجهود في هذا الجانب عبر توسعة البحوث والانفتاح على الرؤى الجديدة ومناقشتها.
بعد أن حقق مؤتمر "العودة إلى القرآن الكريم" إستمراريته في العطاء، نقترح تحويل المؤتمر إلى " مؤسسة العودة إلى القرآن الكريم"، بحيث تكون لها أنشطة متنوعة ومستمرة على مدار العام، ويكون المؤتمر أحد أنشطتها.
توسيع قاعدة الأنشطة والفعاليات القرآنية بتشريك كل الحوزات والمؤسسات ومكاتب المرجعية، وذلك بتشكيل لجنة مؤلفة من عدة حوزات علمية وسائر المؤسسات بحيث تتكامل مع المؤتمر أو المؤسسة المقترحة.
إقامة مسابقات في حفظ القرآن وتفسيره وفي البحوث والدراسات القرآنية، وذلك لتدعيم الثقافة القرآنية وتشجيع روح التواصل حول مائدة القرآن الكريم.
دعوة المسلمين عموماً والعلماء خصوصاً وسائر المؤسسات العلمية إلى التصدي العلمي الواعي والفعال للتشويهات التي تثار ضد القرآن الكريم، وعدم السكوت إزاء الحملات المسيئة لرسول الرحمة الأعظم محمد بن عبدالله (ص).
الدعوة لتناول محور يواجه الشبهات القرآنية وذلك تحت عنوان "القرآن الكريم فوق الشبهات".
هذا ختام ما جاء في هذا المؤتمر في دورته الحادية عشرة نرجو للجميع الاستفادة والسير على نهج القرآن الكريم . ونسألكم الدعاء.
جانب من الحضور فيهم آية الله محمدي العراقي مسئوول العلاقات الدولية.