الجهاد أفضل أعمال الإسلام
من عظيم فضل الجهاد ، أن الله تبارك وتعالى جعله من أفضل أعمال الإسلام بعد
الإيمان به جل وعلا وبرسوله صلى الله عليه وسلم ، فهو أفضل الأعمال
الصالحة التي يمكن أن يتطلع إليها مسلم ، لينال عظيم أجرها ، وكبير ثوابها .
ولا أدري أين ذهبت عقول من يريد حرمان الأمة من القيام بأفضل الأعمال
وأزكاها ، تارة بإنكار الجهاد ، وتارة بالهجوم الشنيع على المجاهدين وتسفيه
سعيهم بل وتجريمه ، وتارة بتدمير عقدة الولاء والبراء وإعلان محبة اليهود
والنصارى وغيرهم من أعداء الله ، وموالاتهم وتحريم الجهاد ضدهم !!!
وهذه طائفة من حديث البشير النذير تبين أفضلية الجهاد ، وتقديمه على غيره
من الأعمال الصالحة التي يبتغي بها المرء وجه الله ورضاه وجنته .
وفيها بيان أن الجهاد هو أفضل الأعمال الصالحة على الإطلاق وأحبها إلى الله
تبارك وتعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم سيد المجاهدين .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه :
(( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ :
أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ ؟ فَقَالَ : إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ،
قِيلَ : ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، قِيلَ :
ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : حَجٌّ مَبْرُورٌ )) .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ :
(( سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ
الأَعْمَالِ أَفْضَلُ ؟ وَأَيُّ الأَعْمَالِ خَيْرٌ ؟ قَالَ إِيمَانٌ
بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ، قَالَ : ثُمَّ أَيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ :
الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ سَنَامُ الْعَمَلِ ، قَالَ ثُمَّ : أَيٌّ
يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ ، قَالَ : حَجٌّ مَبْرُورٌ )) .
عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال :
( سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ : يَا
رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ الصَّلاةُ عَلَى
مِيقَاتِهَا ، قُلْتُ : ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ : ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ ،
قُلْتُ : ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ : الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ،
فَسَكَتُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ
اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي ) .
قال الحافظ : فَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ تَقْدِيم الصَّلاة عَلَى الْجِهَاد
وَالْبِرّ لِكَوْنِهَا لازِمَة لِلْمُكَلَّفِ فِي كُلّ أَحْيَانه ,
وَتَقْدِيم الْبِرّ عَلَى الْجِهَاد لِتَوَقُّفِهِ عَلَى إِذْن
الأَبَوَيْنِ .
وَقَالَ الطَّبَرِيُّ : إِنَّمَا خَصَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
هَذِهِ الثَّلاثَة بِالذِّكْرِ لأَنَّهَا عُنْوَان عَلَى مَا سِوَاهَا مِنْ
الطَّاعَات , فَإِنَّ مَنْ ضَيَّعَ الصَّلاة الْمَفْرُوضَة حَتَّى يَخْرُج
وَقْتهَا مِنْ غَيْر عُذْر مَعَ خِفَّة مُؤْنَتهَا عَلَيْهِ وَعَظِيم
فَضْلهَا فَهُوَ لِمَا سِوَاهَا أَضْيَع , وَمَنْ لَمْ يَبَرّ وَالِدَيْهِ
مَعَ وُفُور حَقّهمَا عَلَيْهِ كَانَ لِغَيْرِهِمَا أَقَلّ بِرًّا , وَمَنْ
تَرَكَ جِهَاد الْكُفَّار مَعَ شِدَّة عَدَاوَتهمْ لِلدِّينِ كَانَ
لِجِهَادِ غَيْرهمْ مِنْ الْفُسَّاق أَتْرَك , فَظَهَرَ أَنَّ الثَّلاثَة
تَجْتَمِع فِي أَنَّ مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَ لِمَا سِوَاهَا أَحْفَظ ,
وَمَنْ ضَيَّعَهَا كَانَ لِمَا سِوَاهَا أَضْيَع .
عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :
(( سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ
الْعَمَلِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ ،
قُلْتُ : فَأَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : أَعْلاهَا ثَمَنًا
وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا، قُلْتُ : فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ ؟ قَالَ :
تُعِينُ ضَايِعًا أَوْ تَصْنَعُ لأَخْرَقَ ، قَالَ : فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ ،
قَالَ : تَدَعُ النَّاسَ مِنْ الشَّرِّ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ تَصَدَّقُ
بِهَا عَلَى نَفْسِكَ )) .
أفضل الناس .. المؤمن المجاهد
فكما قرر النبي صلى الله عليه وسلم أن الجهاد أفضل الأعمال في الإسلام ،
فكذلك قرر صلى الله عليه وسلم أن أفضل المسلمين على الإطلاق هو المجاهد في
سبيل الله ، وكيف لا وهو يقوم بأفضل الأعمال .
عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :
(( قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ، قَالُوا ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ :
مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنْ الشِّعَابِ يَتَّقِي اللَّهَ وَيَدَعُ النَّاسَ
مِنْ شَرِّهِ )) وفي رواية : (( رَجُلٌ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يُقْتَلَ )) .
الجهاد لا مثيل له ولا يعادله شيء من الأعمال
ومن عظيم فضل الجهاد أنه ليس من أفضل الأعمال فقط ، بل إنه لا مثيل له ولا
يعادله شيء من العمل ، بل لا يصل إلى فضله العدد من الأعمال إذا اجتمعت مع
كثرتها وصعوبتها ، فالجهاد هو أفضل الأعمال على الإطلاق .
عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :
(( جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَ : دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الْجِهَادَ ؟ قَالَ : لا
أَجِدُهُ ، قَالَ : هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ الْمُجَاهِدُ أَنْ
تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ فَتَقُومَ وَلا تَفْتُرَ وَتَصُومَ وَلا تُفْطِرَ ،
قَالَ وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِنَّ فَرَسَ
الْمُجَاهِدِ لَيَسْتَنُّ فِي طِوَلِهِ فَيُكْتَبُ لَهُ حَسَنَاتٍ )) .
قال الحافظ : قَالَ عِيَاض : اِشْتَمَلَ حَدِيث الْبَاب عَلَى تَعْظِيم
أَمْر الْجِهَاد , لأَنَّ الصِّيَام وَغَيْره مِمَّا ذَكَرَ مِنْ فَضَائِل
الأَعْمَال قَدْ عَدَلَهَا كُلّهَا الْجِهَاد حَتَّى صَارَتْ جَمِيع حَالات
الْمُجَاهِد وَتَصَرُّفَاته الْمُبَاحَة مُعَادِلَة لأَجْرِ الْمُوَاظِب
عَلَى الصَّلاة وَغَيْرهَا , وَلِهَذَا قَالَ صلى الله عليه وسلم " لا
تَسْتَطِيع ذَلِكَ " وَفِيهِ أَنَّ الْفَضَائِل لا تُدْرَك بِالْقِيَاسِ
وَإِنَّمَا هِيَ إِحْسَان مِنْ اللَّه تَعَالَى لِمَنْ شَاءَ ,
وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْجِهَاد أَفْضَل الأَعْمَال مُطْلَقًا
لِمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيره .
وَقَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : الْقِيَاس يَقْتَضِي أَنْ يَكُون الْجِهَاد
أَفْضَل الأَعْمَال الَّتِي هِيَ وَسَائِل لأَنَّ الْجِهَاد وَسِيلَة
إِلَى إِعْلان الدِّين وَنَشْره وَإِخْمَاد الْكُفْر وَدَحْضه ,
فَفَضِيلَته بِحَسْب فَضِيلَة ذَلِكَ وَاَللَّه أَعْلَم .