بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله إخوتي في الله ... كان صحابة النبي يستعدون لرمضان قبل قدومه بستة أشهر، بأن يهيئوا أنفسهم للطاعة والعبادة فيه وبأن يتوبوا إلى الله من الذنوب والمعاصي ويوطنوا أنفسهم على حب الطاعة وبغض المعصية، وبأن يردوا الحقوق إلى أهلها ، وأن تكون قلوبهم صافية لا حقد فيها ولا غل ولا حسد، وبأن يلحون على الله في الدعاء بأن يبلغهم رمضان. هذا لمعرفتهم بأهمية هذا الشهر .
كنوز رمضان لأن شهر رمضان هو خير شهر ،، ففي الحديث عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : أَظَلَّكُمْ شَهْرُكُمْ هَذَا بِمَحْلُوفِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَا دَخَلَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ شَهْرٌ خَيْرٌ لَهُمْ مِنْهُ ، وَلاَ دَخَلَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ شَهْرٌ شَرٌّ لَهُمْ مِنْهُ ، بِمَحْلُوفِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِنَّ الله يَكْتُبُ أَجْرَهُ وَنَوَافِلَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُدْخِلَهُ ، وَيَكْتُبُ وِزْرَهُ وَشَقَاءَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُدْخِلَهُ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يُعِدُّ لَهُ مِنَ النَّفَقَةِ لِلْقُوَّةِ فِي الْعِبَادَةِ ، وَيُعِدُّ لَهُ الْمُنَافِقُ اتِّبَاعَ غَفَلاَتِ الْمُسْلِمِينَ ، وَاتِّبَاعَ عَوَرَاتِهِمْ ، فَهُوَ غَنَمٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ويغتبنه ، أَوْ قَالَ : نِقْمَةٌ لِلْفَاجِرِ. رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَة وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ ]
* ولأن شهر رمضان شهر المغفرة لكل الذنوب ، ففي الحديث قال " مَن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " رواه البخاري ومسلم ......
* ولأن في شهر رمضان يتضاعف فيه الأجر ففي الحديث قال : قد جاءكم شهر مبارك افترض عليكم صيامه تفتح فيه أبوب الجنة و تُغلق فيه أبواب الجحيم و تُغل فيه الشياطين , فيه ليلة خير من ألف شهر , من حُرم خيرها فقد حُرم " رواه أحمد و النسائى و البيهقى
← كانت كل هذه بعض الكنوز واللاتي لا تكفي مطويتنا لتعداد فضائل شهر رمضان ، فيا تُرى مَن سيفوز بهذه الكنوز ؟!! مَن سيعيش هذا العام أحلى رمضان في حياته ؟!! مَن منكم علِم أن رمضان فرصته للجنة ؟؟
إن أردتم كل ذلك وُجبَّ عليكم الاستعداد من الآن ، فلقد قال الله عز وجل "وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً " التوبة (46) فأين عُدتكم لشهر رمضان ؟؟!! ، أعلموا أن مَن كانت له بداية محرقة كانت له نهاية مشرقة ...
أولاً : الدعاء قبل مجئ رمضان : فنقول : اللهم بلغنا رمضان ، اللهم سلمني إلى رمضان وسلم لي رمضان وتسلمه مني متقبلاً ..
ثانيا: نيتي في رمضان (إيماناً واحتساباً) : يقول الله عز وجل في الحديث القدسي" إذا تحدث عبدي بأن يعمل حسنة فأنا أكتبها له حسنة " لذا نبدأ الاستعداد بتعداد النوايا وهي : 1- نية ختم القرآن لعدة مرات مع التدبر . 2- نية التوبة الصادقة من جميع الذنوب السالفة . 3- نية أن يكون هذا الشهر بداية انطلاقة للخير والعمل الصالح وإلى الأبد بإذن الله . 4- نية كسب أكبر قدر ممكن من الحسنات في هذا الشهر ففيه تضاعف الأجور والثواب . 5- نية تصحيح السلوك والخلق والمعاملة الحسنة. 6- نية العمل لهذا الدين ونشره بين الناس مستغلاً روحانية هذا الشهر . 7- نية وضع برنامج ملئ بالعبادة والطاعة والجدية بالإلتزام به .
ثالثاً : الاستعداد بالمطالعة الإيمانية : وهي عبارة عن : 1/ قراءة بعض كتب الرقائق المختصة بهذا الشهر الكريم لكي تتهيأ النفس لهذا الشهر بعاطفة إيمانية مرتفعة . ككتاب لطائف المعارف ( باب وظائف شهر رمضان ) وأيضا قراءة تفسير آيات الصيام من كتب التفسير . 2/ استمع إلى بعض الأشرطة الرمضانية مثلا شريط : (روحانية صائم ) وسوف تجد النتيجة . 3/ اجلس بنا نعش رمضان ( شعار ما قبل رمضان وهو عبارة عن جلسات أخوية نتذاكر فيها كيف نعيش رمضان كما ينبغي ) 4/ ادخار المال لعمل بعض المشاريع الرمضانية مثل : صدقة رمضان ، كتب ورسائل ومطويات للتوزيع الخيري ، الاشتراك في مشروع إفطار صائم.
1- الصلوات الخمس : في أول الوقت للجميع. فقال : " أحب الأعمال إلى الله الصلاة على وقتها "
2- صلاة 12 ركعة نوافل: قال : (ما من عبد مسلم يصلى لله تعالى في كل يوم اثنتي عشرة ركعة تطوعاً غير الفريضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة) رواه مسلم .
3- قيام الليل ولو بركعتين، و أقل شيء بـ 100 آية، أو جزء من القرآن؛ لنكون من القانتين عند رب العالمين.
4- قراءة جزء من القرآن كل يوم؛ ليطهر القلب ويشفى من آفات وتتنزل الرحمات.
5- الأذكار: فمن فوائد الذكر انه سبب أن يذكرك الله فقال تعالى "فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ " ،، ووصانا المولى عز وجل على كثرة ذكره فقال " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا "
والذكر وصية رسول الله ، ففي الحديث عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أوصني ، قال: عليك بتقوى الله ما استطعت واذكر الله عند كل حجر وشجر وما عملت من سوء فأحدث له توبة السر بالسر و العلانية بالعلانية" رواه الطبراني
فتذكروا الله كثيرا ، بأذكار الصباح والمساء، والاستغفار، والصلاة على النبي، وقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شيء قدير، والباقيات الصالحات من تسبيح وتحميد وتهليل وتكبير وحوقلة ،
والذكر ميزته انه يُجدد الإيمان في القلب " ألا بذكر الله تطمئن القلوب "
وفى الحديث عَنْ عَبْدِ الله بن عَمْرو بن العَاص رَضِيَ الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"إِنَّ الإِيمَانَ لَيخلق فِي جَوْفِ أَحَدكُمْ كَمَا يَخلقُ الثَّوْبُ فَاسْأَلُوا الله أَنْ يُجَدِّدَ الإِيمَانَ فِي قُلُوبِكُمْ " السلسلة الصحيحة، 4/ 113
فمرر على نفسك يوميا فوائد الذكر ،، بل مررها صباحاً ومساءاً،، أتدرون لما صباحاً ومساءاً؟ لأن في الحديث قال : "يكون من بعدي فتنة يصبح الرجل فيها مؤمنأً ويمسي كافراً ، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً ، " . رواه ابن ماجة وابن حبان
6- الصيام ، كالاثنين والخميس، و 13، 14، 15 فمَن صام يوما في سبيل الله باعد الله بينه وبنين النار 70 خريفا عسى أن يختم لنا بصيام فندخل الجنة.
7- وأعمال بر من صدقة شبه يومية، وبر الوالدين، وصلة رحم، وزيارة شهرية لمريض، ومسح رأس يتيم
8- الدعوة إلى الله وبث الخير بين الناس؛ لتضاعف أجرك فالدال على الخير كفاعله .
9- عبودية هجرة الذنوب : وسُئل النبي صلى الله عليه و سلم : أخبرنا يا رسول الله بعمل نستقيم عليه ونعمله ، قال : " عليك بالهجرة فإنه لا مثل لها " و المهاجر في حقنا هو مَن هجر الذنوب و المعاصي (كعقوق الوالدين و عن الغيبة وعن التبرج و عن الاختلاط وعن الغضب وعن إطلاق البصر وعن سوء معاملة الناس وعن نقض العهد وعن الغش والخداع والكذب والفتنة و التقصير في حق الله من صلاة لا يتحقق فيها خشوع أو أعمال صالحة يخالطها رياء )
ولنهجر أيضا المعازف ، فوالله أنها كالخمر تُذهب العقل ولقد جمعها النبي في الحديث مع الخمر فقال:" ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر و الحرير و الخمر و المعازف"رواه البخاري في صحيحه ( 4 / 30 ) وقد علق على الحديث الشيخ بن باز فقال :وهو صريح في ذم مستحلي المعازف، حيث قرنهم مع مستحلي الزنا والخمر والحرير، وحجة ظاهرة في تحريم استعمال المعازف .
ليس هذا فحسب ... بل حرم المعازف الأئمة الأربعة .
وهذا كله ستجدوه في كتاب الإمام ابن القيم “إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان” فراجعوه
10- عبودية البر: الله تعالي جعل بعد حقه عبودية البر للوالدين ، و سيدنا عمر ذهبوا إليه في القضاء فقالوا له انه يوجد واحد قتل نفس ماذا يصنع ليتوب ، قال هل له من أم فقالوا نعم ، قال فعليه ببرها فإني لم أري عملا يغفر ويكفر الذنوب مثل بر الوالدة هذا أعظم عمل فثم الجنة .
11- عبودية السعي لطلب الر**: قال : ما أكل احد طعام قط خير من أن يأكل من عمل يده ، وان نبي الله داود كان يعمل ويأكل من عمل يده "
12- عبودية تربية الأبناء: قال النبي " مَن بلي من هذه البنات شيئاً فأحسن إليهن كن له ستراً من النار"
13- عبودية حسن المعاشرة: قال النبي " خيركم خيركم لأهله " ،، و الصبر علي عدم الزواج عبودية والصبر في الزواج وإحسان معاملة الزوج عبودية والصبر علي الحمل وتقاسي آلام الحمل عبودية .. فالصبر على أي شيء عبودية تتقربا بها إلى الله
أخيراً : أحذركم من التباطؤ في الطاعات .. فهذا من أسباب عذاب القبر؛ لأن العمل الفاجر يأتي صاحبه في القبر فيقول " أنا عملك الخبيث كنت بطيئاً عن طاعة الله سريعا في معصيته فجزاك الله بشر" صحيح الترغيب والترهيب
* وأحذركم أيضا من الغفلة .. فهي سبب هلاك القلب ، قال تعالى {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} الأعراف: 179
ولقد جاء علاج الغفلة في الآية التي تليها .. فقال تعالى" وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف: 180] ..
فعلاج الغفلة إذاً أن تتعرَّف على ربك عز وجلَّ من خلال معرفة أسمائه وصفاته، لكي تتحطم الأقفال التي على قلبك وتُخرِّج الدنيا التي طبعت عليه ،، فتستقبل رمضان القادم وأنت نشيط النفس وباغٍ للخير وحريص كل الحرص أن لا تخسره ..
فخسران رمضان خيبة ومُصيبة ،، فلقد قال " رغم أنف امرئ ثم رغم أنف امرئ ثم رغمأانف امرئ" ،، قال الصحابة: خاب وخسر يا رسول الله,مَن هو؟ ،، قال : "مَن أدرك رمضان ولم يغفر له" ...
سترك يا رب .. اللهم بلغنا رمضان ،، اللهم سلمنا إلى رمضان وسلم لنا رمضان وتسلمه منا متقبلاً .. اللهم آمييييييين